تأتي السيرة الذاتية، بحمولتها النفسية، الشخصية، المعتقدية، الأدبية، الاجتماعية والفكرية، عجينة ذات مكونات ثقافية غاية في التنوع، لتلقي بظلالها على هذه الشخصية التي شغلت الكثيرين من أصحاب الفكر والنقد في النصف الثاني من القرن العشرين، وتركت بصمتها على جوانب شتى من التوجهات الجامعة بين ما يتجاوز المفهوم الأكاديمي، في البحث، أي الخروج عما هو محْكم جامعياً، وبتلك العراقة المعهودة والصارمة في الجامعات ذات الشأن دولياً "الجامعة دون شروط" تلك الإشارة اللماحة التي تستفز من يعرَف من خلال "كرسيّ" له في الجامعة، وما يصل بما هو مهمل أو مهمَّش في الحياة اليومية. 

ليس هناك ما جرى وضعه جانباً، أو تنحيته، أو اعتباره استثناء في المعاينة، أو المكاشفة، أو المساءلة، أو الاستلاف للاستفادة منه، في تلك النقطة التي يصعب على باحثه سبر عمقها بيسر، أو تعيين موقعها الزماني – المكاني، من خلال المثار باسمها، كما لو أن دريدا، ومن خلال ما أسنِد إليه من أقوال، وما عرِف به من مسلك بحثي، وعلاقات مع موضوعاته، لا يريد أن يؤطَّر في أي قراءة تتركز عليه، أو جواب قطعي، بمثابة الحكْم المبرم عليه، أو فكرة واضحة بذاتها، تسهّل لدى ناقدها طريقة التحاور مع صاحبها، أو قائلها، أو متبنيها، ومناقشته.